Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الدكتاتوريه والتخلف
3 août 2009

عجائب يوليو/ أبو العباس ولد ابرهام

03/08/2009 - 00:03 من المهم-ولو من باب التسلية- مشاهدة أنماط التصرف التي تولدت مباشرة بعد مفاجأة انتخابات 2009. وفي الوقت الذي اكتفى فيه البعض بفغر فمه ببلاهة وغمغمة عبارة "غير معقول" فإن أصواتا أخرى أكثر عملية حاولت تحيين اللحظة لتتعلق بحياتها الخاصة. ولقد تولدت موجات ارتداد متناسبة مع فجائية اللحظة. وفي صفوف الإنصياعية تولد موقف ارتدادي غريب هذا مجمله: كنا نعارض الإنقلابي أما وقد انتصر فلقد طارت عنه صفة الإنقلابية. الحل إذن هو: دعمه. في غمرة التحولات لم تفقد الإنصياعية ثوابتها بتأييد الكفة الراجحة: كانت قد دعمت كفة المعارضة -الأوفر حظا- والآن عليها التماشي مع الحقيقة الأبدية لانتصار النظام في التاريخ الموريتاني ولكن بنفس الحجة التي جعلتها تعارضه : الديمقراطية. وتشيع في هذا المجال حجج "كنا ضد والآن أصبحنا مع". وتقدم على الهواء علنا مغلفة بنوع من "الشجاعة السياسية" و"الإعترافية الخارجة عن الشخصنة" و"البحث عن مصلحة الشعب". استطرادات عجيبة تحدث هنا يا سادة. كانت مفاجأة الثامن عشر إنقاذا لقوى عديدة. في طريق العودة إلى كف النظام كان على عدة قوى تقديم موقف مدين لحلفاءها عن طريق الإعتراف بالنتائج -التي لا تقتنع بها ولكنها تستفيد من الإعتراف بها- كتمهيد لعودتها للنظام. وسيكون مفيدا للنظام الإشارة إلى قوى جديدة-قديمة داخله في خانة "التائبين" و"العائدين". كانت مفاجأة الثامن عشر إنقاذا إلهيا لقوى "إلهية" كانت على محك خيار دعم نظام غير أخلاقي -ولكن استيراتيجي- في الشوط الثاني وجاءت مفاجأة الشوط الأول إنقاذا لها من المسئولية التاريخية. وهي تدافع عن سلامة النتائج كشكر لله على هذا الإنقاذ، رغم أن هذه النتائج تلغي قيمتها الانتخابية التي هي أصلا سبب دخولها المعترك الانتخابي منفردة. لن يبقى لها في النهاية غير التحالف مع النظام (يتوقف الأمر عليه هذه المرة) بنفس الواقعية السياسية التي حالفتها مع نظام لا تؤمن بصوابه ولكن تحالفت معه من منطق "ادخلوا عليهم الباب". كانت مفاجأة الثامن عشر فرصة لقوى واعية تعاني من الحياء الثقافي من دعم نظام انقلابي بأن تكشف عن موقفها الحقيقي المؤيد للانقلاب ولكن بموقف نفاقي ينطلق من حقيقة النتائج الإنتخابية المعلنة كانتصار للحقيقة التي لم تكن تؤمن بها -ظاهريا- بفعل شوشرة الإنقلاب. ولقد فقدت قشرتها الثقافية في سبيل هذا إذ ماهت بين الديمقراطية والحقيقة: لم تعد الديمقراطية تعني وسيلة سلمية للتحكيم بل أصبحت تعني صوابية الرأي الغالب ديمقراطيا. ولقد ولد هذا نوعا من العبثية هذه تفاصيلها: "المنتصر ديمقراطيا هو ديمقراطي. المنتصر ديمقراطيا هو الصائب. الحل: دعمه". في فجائية اللحظة لم يعدم مثقفون من هذه الفصيلة موقفا فجائيا موازيا من نوع الإندفاع خلف الجماهير بدل قيادتها. تخلوا عن نخبويتهم في معادلة: هذا جيد لأن هذا ما يريده الشعب. في فجائية يوليو تحول الرأس ذنبا. أنماط غريبة بحق. ** إن هتلر وصل للحكم بانتخابات ديمقراطية. نعم. وفي تلك المرة لم يشكك أحد في نزاهتها كما أنها أعلنت في الصباح الباكر في عالم متخلف تقنيا (نسبيا). ولم تحدث غمغمات وهمهمات من أي نوع في نزاهة الإنتخابات. وحتى إن الفائز الأول فيها، هندبورغ، لم يكن مستعجلا أبدا على إعلان النتائج. نظر غاضبا إلى مستشاره الذي أيقظه في الثامنة ليبلغه بانتصاره: "لمَ لم تنتظر حتى موعد استيقاظي في التاسعة فالنتيجة كانت ستبقى نفسها بعد ساعة". لم يحاول أبدا معرفة وجهة نظر وزارة الداخلية حتى يتحرك قبل فوات الأوان. لم يتوفر أي شك في نصره. إن هتلر وصل للحكم بانتخابات ديمقراطية ولكن أحدا لم يقل إنه كان ديمقراطيا بفعل ذالك. إن هتلر الحقيقي هو هتلر الذي قام بمحاولة انقلابية على نظام ديمقراطي في 1923. هتلر الحقيقي هو هتلر الذي حول الديمقراطية إلى نازية وقمع مخالفيه وحول كل شيء في الرايخ إلى دمية في يده. إن هتلر الديمقراطي 1933 ليس إلا حلقة انتهازية في هتلر الديكتاتوري 1923. إن هتلر وصل للحكم بانتخابات ديمقراطية. وعندئذ لم يقل المثقفون الحقيقيون أنه صالح لأن الشعب انتخبه بل تساءلوا عن مالذي دفع الشعب لانتخاب هذا الطالح. لم يغب على العقلاء أن الأمر يتعلق بـ"انتكاسة" و"أزمة وعي" و "رهاب الأجانب" و "جدلية التنوير". إن السؤال الديمقراطي منذ تلك الأيام هو: كيف يمكن للنظام الديمقراطي إعادة إنتاج نفسه رغم بذاءات من نوع هتلر؟ (كانت أسئلة جدلية التنوير هذه هي انطلاقة أهم مدرسة فكرية في القرن، مدرسة فرانكفورت). جاء في يوميات يوليو 2009 الموريتانية التي كتبها مثقفو انقلاب أغسطس أن هتلر "ديمقراطي" لأنه وصل للحكم بطريقة ديمقراطية. وأكثر من هذا تم غسل انقلابه الذي هو فعله هو –لا محالة- بانتخابه الذي هو فعل غيره (الإحتمال الأكبر هو أنه فعله هو أيضا، كما تقول المعارضة). أكثر من هذا قيل إن كل ما سيفعله هتلر صائب لأنه إرادة الشعب. في يوليو الموريتاني لم يتم فقط إخراج هتلر من قبره ونفض الغبار عنه و تتويجه ملكا بل استخرجت له شهادة براءة وصف في مرام الأنبياء. *** اكتشف البعض بينما كان يتسمح على جدران يوليو للبحث عن المشاركة في النظام الجديد منهجا جديدا في التحليل. وبرأيه فإن قطيعة من نوع رؤيوي قد حدثت بانتخابات الثامن عشر. ولقد تم تقديم هذا اليوم في صورة إعجازية: اليوم الذي تدخل فيه الفقراء لحسم الانتخابات وقررت الأغلبية الصامتة لأول مرة الحسم لإحساسها بمصيرية اللعبة. تتحتت أرجل هذا التحليل بالنظر إلى نسبة المشاركة التي جاءت أدنى بكثير من انتخابات 2007 وبتراجعها في الاحياء الفقيرة والقرى النائية المعدمة خاصة. لم تكن انتخابات 2009 غير انتخابات تقليدية تم فيها تغييب الصوت الفردي في العصبويات و قوة المال السياسي ودخول المصالح الإقتصادية التنافسية. لم تكن أيضا غير تقليدية من ناحية تدخل السلطة. ولقد أعطى الأمر نتائج أحسن هذه المرة لوضوح التدخل: عشرات الضباط السامون مشووا في انتدابات ميدانية سياسية واضحة خلافا لحملة الهواتف في 2007. لم يكن الثامن عشر غير خبر محدث من الأنباء المستديمة لانتصار البرجوازية المصرفية والتجارية المتحالفة مع رأس المال الإجتماعي والمسيطرة على الإدارة والجيش والمتسيدة على قطاعات كبيرة "من الأسفل الاجتماعي" بفعل هذه السيطرة. تناسى مثقفو يوليو أن هذا التحالف، المسمى عاميا بـ"الدولة" هو من أنتج القوى المحلية وأن دخولها في مواجهتها نفي بديهي لقوتها. وتبجح أحد مفكري أغسطس بأن معجزة حدثت بمحق الناخبين الكبار. وهو رد "المعجزة" إلى قدرة الجنرال على الإقناع متناسيا حملته القياسية في تاريخ البلاد في الإنفاق العام والكرنفاليات والمدة الزمنية التي صنع بها ناخبين كبارا أكثر تنفذا. **** كان السادس أغسطس نظاما عاريا وكان لا بد أن يخصف عليه من ورق يوليو للتحول إلى نظام طبيعي. ومباشرة مع بزوغ فجر التاسع عشر تمت استعادة القاموس السياسي الطبيعي بالكلمات القديمة "المأفونة" إياها: الشرعية، المصالحة، الإعتراف. لم يتوقف الأمر عند مثقفي الانقلاب عند هذا. أتذكرون ماركس، فيلسوف الثورة الذي تمت معاداته في جملة القاموس القديم لأنه يصادق اليسار الذي يعادي السادس أغسطس؟ ماركس هذا، الذي سخر منه كتاب السادس بكلبية أمية تماهي بين الجدلية (الديالكتيك) كمنهج في التحليل وبينه كتكتيك سياسي، هو نفسه ماركس الذي استعاده مثقفو السادس أغسطس لتفسير الثامن عشر يوليو. وبرأي هؤلاء -بتجزئ واضح- أن ما حدث في الثامن عشر هو صراع طبقي بالتفاصيل الماركسية الدقيقة: هبوب الفقراء والوطنيين المسحوقين ضد تيار الأرستقراطية العفنة الجاثمة على السلطة. كان ممكنا، والمنطق هو هذا، لمثقفي أغسطس -في حالة الإطلاع- الاستعانة بما وصفه ماركس في "الصراع الطبقي في فرنسا" من أنها هبة المزارعين والفلاحين وفقراء المدن، متعاونين مع العمال والبرجوازية الصناعية ضد الأرستقراطية المالية التي تعتمد الفساد والقروض والعمل الإداري لتحقيق الثراء، طبقة مستفيدين حولت الفساد إلى نمط إنتاج وأعاقت نمو الدولة. كانت هذه الاستعانة ممكنة لولا أن انقسام الأغنياء والفقراء لم يحدث مطلقا –وبالذات في 2009- لصالح الانقسامات العصبوية والاستثمار السياسي وتدخل الدولة ولأن "مرشح الفقراء" قاد الأغنياء في حملته في التعبئة الأكثر بذخا في تاريخ البلاد. وكان هذا ممكنا لولا أن كل البرجوازية المصرفية والإدارة التي تعتمد الفساد والصفقات السياسية والجيش المتمصلح والسلطة المحلية التي تبيع الدعم السياسي قد وقفت إلى جانب نظام السادس أغسطس المريع. حقيقة الثامن عشر هي الحقيقة التي وصفها ماركس في مشهد صعود جان لافيت غداة انتصار الملكية الفرنسية1830 منتشيا بحلاوة الظفر. كان مغامرا ونخاسا و رجل أعمال ومصارف بذل الغالي والنفيس وغامر بكل شيء في سبيل إنجاح ملكية يوليو الفرنسي (نعم، يوليو أيضا). قال وهو يمسك بيد صديقه دوق أورليان، داخلين في "أوتيل دً فيل"، مقر الحكم: "من الآن فصاعدا سيكون الحكم حكم رجال البنوك". ***** لم يكن صراع الأضداد هو ما أنتج نظام السادس أغسطس؛ وعليه فلم يكن الإستجداء بماركس التحليل الطبقي سبيلا لفهمه. إن نموذج باريتو هو الأنسب هنا. يعرف الفيلسوف الإيطالي عنف النظام السياسي بإرجاعه إلى طبيعة الطبقة السياسية المستفردة: عندما تندفع طبقة سياسية وليدة في مواجهة تراكم سياسي قائم باحثة عن المشاركة وتتوفر على القوة العسكرية فإنها تتحول إلى نازية حقيقية: تقوم بتكسير كل الأشكال السياسية الموجودة أمامها: تعتمد الوصم بالإنحطاط والفساد وعدم النجاعة سبيلا لمحق الموجود. عندما يفرض عليها استحقاق ديمقراطي فهي الأقل عرضة للتماشي معه وهي تستخدم كل الموارد اللاديمقراطية لترسيخ وجودها. إن شعورها بالخطر هو مصدر اعتمادها على العنف والدهاء وتغيير الإرادة العامة. ****** الجديد في السياسة الإفريقية هو بقاء النظام المنبوذ بعد انتخابات يجزم القاصي والداني أنه مهزوم فيها لا محالة: لقد حدث هذا الأمر في كينيا وزيمبابوي وبشكل أقل في السنغال ووسط إفريقيا. ولقد لجأت الأنظمة القابضة على السلطة إلى آليات شبيهة بالسحر في سبيل البقاء. قامت –بفضل سيطرتها على الدولة والإدارة الإقليمية- بتوزيع الخروق الانتخابية (التي هي مسألة عادية في ديمقراطية متخلفة) بطرق متفاوتة وحصيفة على عموم الاقتراع لتحسم المواجهة في الشوط الأول لإدراكها استحالة فوزها في الشوط الثاني (السنغال)؛ مع قيامها بالتهديد بعدم ترك السلطة في حالة الهزيمة واستخدام الجيش في الانتخابات، مكسرة إرادة هزيمتها (وسط إفريقيا)؛ أو أنها منعت المعارضة حقها في تسلم السلطة (رفض موغابي مواصلة الانتخابات بشفافية بعد تراجعه في الشوط الأول، و تواطئت لجنة الانتخابات مع كيباكي ضد أودينغا، في كينيا) واقترحت عليها في المقابل تقاسما للسلطة لم تحترمه ولا يمكنه أصلا التحقق بفعل عدم حيادية الإدارة والتناقض المذهبي السياسي بنيويا (زيمبابوي). في يوليو الموريتاني حافظت السياسة الموريتانية على رصيدها العربي بالحاكم المتفرد واتجهت حثيثا إلى السياسات الإفريقية الجديدة بالانتصارات المفاجئة. ******* هنالك فرق. أمكن للأنظمة الإفريقية المنتصرة فجائيا تجاوز مآسي الأزمات السياسية المتولدة من تشبثها بالسلطة لأنها كانت أنظمة حاكمة في فترة شرعية وغالبا بحد واسع من الديمقراطية وأمكنها ضمان الوئام الأهلي بعد انتهاء موجة العنف المضاد. ثبتت لأنها جزء مستمر من الماضي القريب المعترف به من قبل كل الطيف السياسي (وسط إفريقيا) أو لأن المعارضة شرعت وجودها بقبول تزكية المجلس الدستوري للانتخابات (السنغال) ولأنها تمكنت من امتصاص أزمة الشرعية بإشراك المعارضة في السلطة (كينيا و زيمبابوي). الواقع الموريتاني يختلف وبناء عليه ستختلف آلية المعارضة القديمة في مواجهة النظام. هنالك خيارات: هنالك قوى معارضة أيدلوجية تجد خيارها في تبريد جسمها في ظل النظام وتكوين علاقات اجتماعية واكتساب خبرة سياسية إدارية بفعل هذا. إنها قوى شابة، أصولية الطابع، عمرها طويل وتريد الراحة من المواجهة حول الديمقراطية الغريبة التي أثقلت كاهلها واستلبتها سياسيا. وهي تضع في ذهنها تجربة "التحالف الشعبي التقدمي" الذي استفاد من السكن في براح الحكومة ثم لم ينقص ذالك من ألقه الثوري شيئا عندما حانت لحظة المواجهة. في المقابل تعرف المعارضة التاريخية الأخرى أن خيارها الحقيقي هو خلق أزمة شرعية وإحراج النظام القائم في سبيل إسقاطه. إن فيها أصواتا تدعو للمشاركة بنفس الحجج أعلاه. ولكنها بالأساس قوى أيدلوجية ومنتظمة سياسيا وهي تعرف الطبيعة الامتصاصية للنظام الجديد. وحده ارتباطها الميداني مع قواعدها هو الذي سيضمن عدم انسحاقها في الشمولية التي ستحكم البلاد بعد أيام. ووحدها معارضتها هي ما يضمن استمرارها: لم يقدر الجميع انعكاسات المشاركة في حكومة ابريل 2007 و يونيو 2008 على المعارضة حق قدره. ستقف في الشارع العريض فاتحة أياديها لكل متحرر من وهم النظام القائم. آلاف مؤلفة من هؤلاء سيتساقطون كأوراق الخريف. ستكون أياما قارصة وستعود السنوات العجاف. إنه قدر المعارضة. إنها ضريبة الإيمان
Publicité
Publicité
Commentaires
الدكتاتوريه والتخلف
  • ان الكتاتورية دائما كانت هي المرادفة للتخلف ون الجهل والفقر؛و ذلك لانه كل ما كان شعب متعلم فانه من الصعب عليه ان يقبل بالدكتاتوريه
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
Publicité
Publicité